محمد الفايز...مذكرات بحار
مازلت أذكر كل شيء عن مدينتنا القديمة
عن حارتي الرملية الصفراء والمقل الحزينة
لمّا نُحدق في السماء على السطوح
نضبت جِرارُ الماء،والغدران مثل يد البخيل
مَحلتْ ،فأمست كالقبور
مخسوفة سوداء تملؤها الصخور
وعلى الضفاف الغارقات
بالشمس والرمل المندّى والضباب
وقف الصحاب
يترقبون سفينة الماء التي قالوا: تعود
بالماء من نهر الشمال
فالأرض رملٌ والسماء
بيضاء صافية كنهرٍ من جليد
هيهات لم تمطر،ويهتفُ من بعيد
نفرٌ يُبشّرُ:أن صاريةً تلوح
كهلال مئذنة يغلفها الضباب
عبر العُباب
وعلى ظهور جمالنا الظمأى تحجرت القراب
سوداء فارغة يغطيها التراب
كبطوننا تحت الشراع
صلّي إذن،فالموت أقرب ما يكونْ
والريح أغرقت السفينة والسماء
حقدت علينا يا "أمينة"
صرخات طفلك في الظلام أتسمعينه؟
نهداك ملؤهما الحليبُ وأنت ظمأى تُرضعينه
في بيتك الطيني قابعة حزينة
تتساءلين عن السفينة
وعن السحاب،وعن رفاقي في المدينة
والأفق صحوٌ والنجوم
زرقاءُ تبرقُ مثل أقراطٍ ثمينة
وتثور عاصفة كأن قُوى الوجود
سمعت أنينك فوق أرضٍ لا تجود
إلا برمضاء الرمال،وبالدماء
والجوع والجدريّ يفتك بالصغار
ضحكاتهم في الليل تبرق كالنجوم،وفي الصباح
يتساقطون كما الزنابق حين تعصفها الرياح
وكما تنير الشمس أعماق الكهوف
إيماننا بالأرض ملءُ قلوبنا رغم الجفاف
نحن الرجال
نحن العطاءُ إذا تعذّرت الحياة على العطاء
وفي السماء
الجنة الخضراء والمطرُ الذي يروي الحقول
لا في القصور الشامخات
أو في خزائن مدينة"اسطنبول" أو "روما" البعيدة
تلك التي شبّت بها النيرانُ أبرقت السماء
عيناك تحت ضيائها الفجري تشرق يا "أمينة"
مثل الشموع
والريح كالراعي الذي ألقى عصاه
لينام خلف الأفقْ،والبركُ الحزينة
بدأت تُفتَح مثل أفواه الجياع
مثل البراعم حين يلفحها شعاع
حتى"خليفة" جارنا الأعمى تحسّس أن أمطارًا ستهبطُ يا "أمينة"
هل تسمعينه؟
هل تسمعين عصاه تقْري السلّم الطيني تبحث
عن مداه
فالسطحُ يزخرُ بالمياه
والبركةُ الجوفاء فارغة كبطن الذئب تبحث عن غذاء
أختاه أمطرت السماء
وذكرتُ قصة من تمرّد ضد طاغية عنيد
في ذلك الماضي البعيد
فتألبوا كي يقتلوه
وتساءل الملك الذي في كفه أمر المدينة
عن ميتة أقسى من الموت الذي قد قررّوه
فرموه في الصحراء حيث رؤى السراب
كالماء يبرق في مهاويها الرحاب
ويروح يركض ، ثم تنبجس المياه بكل خطوة
فإذا الرمال الصّفْر رَبْوة
خضراء تملؤها الأزاهر والطيور
وبكوخه عند الغدير
جلس المُشرّدُ كالنبي ليكتبَ الكتبَ الكثيرة
عن رحلة الإنسان فوق الأرض والدنيا الأخيرة
عيناه ينبوعان من نور وجبهته ظهيرة
عن حارتي الرملية الصفراء والمقل الحزينة
لمّا نُحدق في السماء على السطوح
نضبت جِرارُ الماء،والغدران مثل يد البخيل
مَحلتْ ،فأمست كالقبور
مخسوفة سوداء تملؤها الصخور
وعلى الضفاف الغارقات
بالشمس والرمل المندّى والضباب
وقف الصحاب
يترقبون سفينة الماء التي قالوا: تعود
بالماء من نهر الشمال
فالأرض رملٌ والسماء
بيضاء صافية كنهرٍ من جليد
هيهات لم تمطر،ويهتفُ من بعيد
نفرٌ يُبشّرُ:أن صاريةً تلوح
كهلال مئذنة يغلفها الضباب
عبر العُباب
وعلى ظهور جمالنا الظمأى تحجرت القراب
سوداء فارغة يغطيها التراب
كبطوننا تحت الشراع
صلّي إذن،فالموت أقرب ما يكونْ
والريح أغرقت السفينة والسماء
حقدت علينا يا "أمينة"
صرخات طفلك في الظلام أتسمعينه؟
نهداك ملؤهما الحليبُ وأنت ظمأى تُرضعينه
في بيتك الطيني قابعة حزينة
تتساءلين عن السفينة
وعن السحاب،وعن رفاقي في المدينة
والأفق صحوٌ والنجوم
زرقاءُ تبرقُ مثل أقراطٍ ثمينة
وتثور عاصفة كأن قُوى الوجود
سمعت أنينك فوق أرضٍ لا تجود
إلا برمضاء الرمال،وبالدماء
والجوع والجدريّ يفتك بالصغار
ضحكاتهم في الليل تبرق كالنجوم،وفي الصباح
يتساقطون كما الزنابق حين تعصفها الرياح
وكما تنير الشمس أعماق الكهوف
إيماننا بالأرض ملءُ قلوبنا رغم الجفاف
نحن الرجال
نحن العطاءُ إذا تعذّرت الحياة على العطاء
وفي السماء
الجنة الخضراء والمطرُ الذي يروي الحقول
لا في القصور الشامخات
أو في خزائن مدينة"اسطنبول" أو "روما" البعيدة
تلك التي شبّت بها النيرانُ أبرقت السماء
عيناك تحت ضيائها الفجري تشرق يا "أمينة"
مثل الشموع
والريح كالراعي الذي ألقى عصاه
لينام خلف الأفقْ،والبركُ الحزينة
بدأت تُفتَح مثل أفواه الجياع
مثل البراعم حين يلفحها شعاع
حتى"خليفة" جارنا الأعمى تحسّس أن أمطارًا ستهبطُ يا "أمينة"
هل تسمعينه؟
هل تسمعين عصاه تقْري السلّم الطيني تبحث
عن مداه
فالسطحُ يزخرُ بالمياه
والبركةُ الجوفاء فارغة كبطن الذئب تبحث عن غذاء
أختاه أمطرت السماء
وذكرتُ قصة من تمرّد ضد طاغية عنيد
في ذلك الماضي البعيد
فتألبوا كي يقتلوه
وتساءل الملك الذي في كفه أمر المدينة
عن ميتة أقسى من الموت الذي قد قررّوه
فرموه في الصحراء حيث رؤى السراب
كالماء يبرق في مهاويها الرحاب
ويروح يركض ، ثم تنبجس المياه بكل خطوة
فإذا الرمال الصّفْر رَبْوة
خضراء تملؤها الأزاهر والطيور
وبكوخه عند الغدير
جلس المُشرّدُ كالنبي ليكتبَ الكتبَ الكثيرة
عن رحلة الإنسان فوق الأرض والدنيا الأخيرة
عيناه ينبوعان من نور وجبهته ظهيرة
No comments:
Post a Comment